الأسبوع الأول:
أسبوع الخطوات الصغيرة
غالباً ما نبدأ الأيام الأولى من الحمية بحماسة كبيرة، غير أن محاولة القيام بالكثير من التغييرات في وقت قصير يمكن أن تحبط حتى أفضل خطط تخفيف الوزن. لذلك ينصحنا أستاذ علم النفس الأميركي، البروفيسور جون نوركروس، بأن نحرص خلال الأسبوع الأول على التقدم بخطوات صغيرة، ولكن ثابتة، نحو الهدف النهائي، مع تجنب أي تغييرات جذرية في نمط حياتنا. ولتحقيق ذلك يمكن اتباع نصائح عدة:
– جعل البداية متواضعة: يتوجب البدء بإجراء تعديل بسيط على عاداتنا الغذائية في اليوم الواحد. يمكننا مثلاً أن نضيف فاكهة جديدة إلى وجبة الإفطار، أو نتخلى عن احتساء عبوة المشروبات الغازية مع وجبة العشاء، أو نخرج لنمشي قليلاً بعد وجبة الغداء. أي يمكننا أن نقوم بأي أمر من شأنه أن يطلق عملية تخفيف الوزن لدينا. وما إن نتأقلم مع هذه العادات الجديدة، سيكون من الأسهل علينا إدخال تغييرات أكثر جرأة في مجال الرياضة والتغذية خلال فترة الشهر.
– عدم تبديد قوة الإرادة: جاء في دراسة حديثة نشرتها مجلة «علم النفس والصحة» الأميركية أن الناس يمتلكون قدراً محدوداً من القدرة على ضبط النفس، وأن هذه القدرة قد تنضب، تماماً مثل حسابنا في المصرف. ولتفادي استنزاف مصدر قوتنا الداخلية خلال هذا الأسبوع الأول، علينا تجنب الظروف التي تضعنا في مواجهة إغراءات علينا مقاومتها. لذلك يستحسن مثلاً أن نخطط لتناول العشاء في المنزل وليس في المطاعم، وأن نتفادى المرور أمام المخبز ومتجر الحلويات في طريق عودتنا إلى المنزل. أما التمارين الرياضية فالأفضل ان نقوم بها صباحاً قبل أن يضعف حافزنا وعزمنا مع تقدم ساعات النهار.
– تعديل مصطلحاتنا: يقول أستاذ علم النفس في جامعة فيلادلفيا البروفيسور مايكل ساكس إن قولنا «يجب» أن نفعل شيئاً، مثل ممارسة الرياضة، يجعلنا نشعر مباشرة بأن النشاط المقصود هو بمثابة عبء علينا. وهو ينصح بالاستعاضة عن كلمة «يجب» بكلمة «أريد». فعندما نقول إننا نريد أن نمارس الرياضة اليوم، فإننا سنضع أنفسنا في الحالة الذهنية الإيجابية الصحيحة والمناسبة للتوجه إلى النادي الرياضي.
– التدوين: أصبح من المعروف أن تدوين الأهداف التي نريد تحقيقها من وراء تخفيف أوزاننا، بكلمات واضحة على الورق، يزيد من إمكانية التزامنا بها. وتؤكد بيرلموتر أن مجرد فعل الكتابة يزيد من ترسيخ هذه الأهداف في أذهاننا. وهي تنصح بتدوين أهدافنا الثلاثة الرئيسية ووضعها في مكان بارز، بحيث نتمكن من رؤيتها باستمرار.
الأسبوع الثاني:
أسبوع القضاء على حالات التوق الشديد إلى الأكل
بعد نجاحنا في اتباع النظام الجديد في الأيام السبعة الأولى، يطل علينا التحدي الثاني وهو القضاء على رغبتنا الملحة في الإفراط في الأكل. وتقول المتخصصة الأميركية في التغذية اليزا زيد، إن هناك سببين رئيسيين لازدياد التوق الشديد إلى الأكل في الأسبوع الثاني من الحمية الغذائية. السبب الأول هو فيزيولوجي بحت، فجسمنا غير معتاد على القيام بوظائفه مستخدماً عدداً أقل من الوحدات الحرارية التي اعتدنا على استخدامها في الماضي. أما السبب الثاني فهو نفسي، ذلك أن الأطعمة المفضلة وخاصة الحلويات، تصبح أكثر إغراء لنا، بمجرد أنها أصبحت ممنوعة. وفي مواجهة ذلك يمكننا تطبيق النصائح التالية:
– التخفيف من رغبتنا في تناول السكر: يمكن التأثير في ميلنا إلى تناول الحلويات عن طريق التخفيف من تناولها، بحيث لا تمثل إلا 10 % من مجمل الوحدات الحرارية التي نتناولها. فاذا كنا نتناول 1600 وحدة حرارية مثلاً في اليوم، يمكننا أن نسمح لأنفسنا بالاستمتاع بتناول طعام حلو يحتوي على 160 وحدة حرارية (3 حبات صغيرة من حبوب الشوكولاتة، أو نصف فنجان من الآيس كريم). وتقول إليزا زيد إن المبالغة في التخلي عن أطعمتنا المفضلة تجعلنا نشعر بالحرمان، ولكن التخفيف التدريجي من الحلويات، يساعدنا مع الوقت على التوقف عن التوق إلى تناولها.
– الاستعانة بالإنترنت: تقترح المتخصصة الأميركية في التغذية كوني ديكمان، مديرة قسم التغذية في جامعة واشنطن، اللجوء إلى الإنترنت عندما تجتاحنا رغبات ملحة في تناول الشوكولاتة أو الحلويات. فهناك مواقع عدة على الإنترنت مخصصة للراغبين في تخفيف أوزانهم، وهي توفر لهم الدعم والتشجيع، ويكفي الدخول إليها وطرح المشكلة التي تواجهنا حتى نحصل على المساندة اللازمة والحلول الممكنة.
– اللجوء إلى الرياضة: أمام إغراء قالب الجاتوه، ليس هناك أفضل من الخروج في نزهة على القدمين، أو ممارسة أي نشاط بدني آخر. وتقول البروفيسورة هيثر شامبليس، أستاذة السلوك الصحي واللياقة البدنية في جامعة ممفيس الأميركية، إن الرياضة تخفف من التوتر وتشتت انتباهنا، فتثنينا عن التفكير في تناول الطعام. وفي دراسة حديثة نشرتها مجلة «الشهية» الأميركية، تبين أن المشي لمدة 15 دقيقة، يخفف من توق مدمني تناول الشوكولاتة إليها. وربما كان سبب ذلك يعود إلى أن الرياضة ترفع من مستويات الناقلات العصبية الدماغية، السيروتونين، التي تساعدنا على الإحساس بالراحة والرضا. وكانت دراسة أميركية أخرى قد أظهرت أن ممارسة الرياضة يمكن أن تساعد على إفراز هرمونات الشبع، التي تسهم في ضبط الشهية إلى الأكل على امتداد 24 ساعة.
– وضع مواصفات جديدة لقوامنا: تنصح بيرلموتر باختيار صورة قديمة نحبها، كان قوامنا فيها رشيقاً، أو اختيار صورة حديثة وتعديلها باستخدام برنامج خاص على الكمبيوتر، بحيث نبدو فيها أكثر رشاقة من حالتنا الحالية. ثم نعلقها على الثلاجة، وذلك لتذكرنا دوماً بأهدافنا عندما تجتاحنا الرغبة في قضم الطعام. فرؤية صور لنا بقامة أكثر رشاقة، يمكن أن تساعدنا على التفكير مثلما يفعل الرشيقون، ما يسهل علينا اختيار الأطعمة الصحية، والتخلي عن الأفكار السلبية التي يمكن أن تحبط وتخرب حميتنا الغذائية.
الأسبوع الثالث:
البحث عن الدعم
التخلص من الوزن الزائد يشبه الاشتراك في سباق الماراثون. ففي البداية وفي النهاية، نجد آلاف المعجبين الذين يصفقون لنا، أما في الوسط فتخف الحشود، بل تكاد تختفي. وهذا الأسبوع الثالث يشبه تماماً المرحلة الوسطى القاحلة من سباق الماراثون، وهي المرحلة التي نحتاج فيها إلى أكبر دعم ممكن. غير أن غياب الدعم لا يجب أن يدفعنا إلى التوقف عن العدْو، والاسترخاء على الأريكة وتناول قصعة من الآيس كريم. وتعلق إليزا زيد فتقول إنه بسبب تباطؤ عملية التخلص من الوزن الزائد، بعد انقضاء الأسبوعين الأول والثاني، يميل متبعو الحميات إلى التخلي عن مشروع تخفيف الوزن في الأسبوع الثالث. لكن هناك بعض الاستراتيجيات البسيطة التي يمكنها أن تساعد على الصمود في هذه الفترة الصعبة، وهي:
– الاستعانة بأكبر عدد من الحلفاء: أظهرت الأبحاث التي أجراها نوركروس أن متبعي حميات تخفيف الوزن، الذين يعلنون عن أهدافهم يكونون أكثر ميلاً إلى الالتزام بها، ويسجلون نسبة أكبر من النجاح، مقارنة بالآخرين الذين يحتفظون بموضوع تخفيف الوزن لأنفسهم. وهو ينصح بالمباشرة في الافصاح عن قرارنا المتعلق باتباع حمية لتخفيف الوزن. ويمكننا أن نلجأ إلى الإنترنت ونخصص موقعاً لنا نتلقى عليه تعليقات وآراء الآخرين بشأن هذا الموضوع وبالإنجازات التي نحققها. ويقول إن الضغط الذي يمثله الآخرون هنا يحثنا على المضي قدماً في سعينا نحو الوزن المنشود. وإذا تخاذلنا في اتباع الحمية، أو توقفنا عن ممارسة الرياضة، فإننا لن نخذل أنفسنا فحسب، بل سنخذل معنا كل الأشخاص الذين يتابعون مسيرتنا على الموقع.
– البحث عن أصدقاء لائقين بدنياً: من المفيد اختيار صديق لائق يكون رفيقنا الدائم إلى النادي الرياضي. فوجود هذا الصديق يعني أن هناك من يراقب ويتابع تطورنا من جهة، ويشاركنا كفاحنا من جهة ثانية. وإذا لم نجد صديقاً قادراً على ملازمتنا، يمكن ان نطلب من أحد أصدقائنا أو أقاربنا الاتصال بنا من يوم إلى آخر، للسؤال عن تطور حميتنا الغذائية وبرنامجنا الرياضي. وتقترح شامبليس إقامة صداقات في النادي الرياضي الذي نقصده. يمكننا أن نتحدث مع الشخص الذي يركب الدراجة الثابتة إلى جوارنا، أو الاشتراك في صفوف تمارين اللياقة الجماعية.
– خوض التحديات: يستحسن أن نمشي أو نركض مع أشخاص أكثر سرعة منا، أو نختار دراجة ثابتة مجاورة لأكثر الأشخاص سرعة في المجموعة، وذلك كي نحث أنفسنا على مجاراتهم. وما ينطبق داخل النادي ينطبق خارجه أيضاً. وتقترح شامبليس مثلاً أن نحاول بعد ركن سيارتنا في مرآب المركز التجاري، بلوغ المدخل قبل الآخرين، أو الصعود على الدرج بسرعة لنصل قبل أن يصل شخص آخر يستقل المصعد. وتعلق قائلة إنه حتى هذه النجاحات الصغيرة التي نحققها قد تعزز دوافعنا وتقوي عزيمتنا.
– ضبط المواعيد: يمكن الاستعانة بالساعة المنبهة في الهاتف الجوال فنضبطها، لتذكرنا بموعد التوجه إلى النادي الرياضي. كذلك يمكن ضبط مواعيد الوجبات، إذ يستحسن تناول وجبة الإفطار في غضون 45 دقيقة من استيقاظنا، ثم نضبط المنبه، بحيث ينطلق كل ثلاث ساعات بعد ذلك ليذكرنا بتناول وجبة رئيسية أو وجبة خفيفة. وتقول ديكمان إن تناول وجبات صغيرة عدة في النهار يساعد على استقرار مستويات سكر الدم، ما يسهم في تمتعتنا بالطاقة طوال النهار، وفي التخفيف من حدة شهيتنا إلى الأكل.
الأسبوع الرابع:
فترة ترسيخ التغيرات
في هذه المرحلة تبرز أهمية توطيد وترسيخ التعديلات الصحية التي أدخلناها على نمط حياتنا. وحتى لو كنا قد بدأنا الحمية الغذائية لتحقيق هدف محدد، إلا أنه علينا في هذه الفترة أن نبدأ التفكير في المشهد العام. ويقول نوركروس إن الخبر الجيد هنا، هو أننا ما إن نقطع فترة الثلاثين يوماً، حتى تتزايد كثيراً إمكانية تحول الخيارات الجديدة التي اعتمدناها إلى عادات راسخة. ولتحقيق ذلك يمكن تطبيق النصائح التالية:
– مراجعة الإنجازات: تنصح إليزا زيد بتدوين كل التغييرات التي قمنا بها خلال الأسابيع الثلاثة المنصرمة على لائحة، وتحديد تلك التي كان الالتزام بها أكثر سهولة من غيرها. ثم علينا أن نسأل أنفسنا ما إذا كان في وسعنا تحويل التغييرات المختلفة إلى عادات نتبناها طوال حياتنا. فهل التخلي عن احتساء المشروبات الغازية مثلاً أمر يمكننا اعتماده على المدى البعيد؟ وهل يمكننا ممارسة الرياضة يومياً؟ وبعد التدقيق في هذه التغييرات، علينا أن نعدل تلك التي تبين أنه من الصعب علينا تنفيذها. فنعدل مثلاً موضوع التوجه إلى النادي الرياضي سبع مرات في الأسبوع، لنكتفي بأربع مرات فقط. وبعد مراجعة بنود اللائحة بأكملها، لا يجب أن نحتفظ إلا بتلك التغييرات التي يمكننا تبنيها بشكل دائم.
– ابتكار هوية رياضية: تقول شامبليس إنه من المفيد ان نطلق على أنفسنا لقب، العداء، أو السباح، أو قائد الدراجة. فمن شأن ذلك أن يسهل عملية التزامنا بالنشاط الرياضي الذي اخترناه، وذلك لكونه قد اصبح جزءاً من هويتنا. كذلك تتراجع بفعل ذلك امكانية تغيبنا عن صف التمارين الرياضية، لأن اللياقة البدنية لم تعد مجرد وسيلة لتحقيق غاية تخفيف الوزن، بل تحولت إلى غاية في حد ذاتها. ولتعزيز شخصيتنا الرياضية الجديدة، ما علينا إلا أن نحيط أنفسنا بأشخاص يتمتعون بذهنية مماثلة لنا. يمكننا مثلاً أن نؤلف مجموعة لقيادة الدراجات، أو للمشي أو للهرولة. كما يمكننا ان نلتحق بنادٍ أو بمجموعات رياضية تمارس رياضتنا المفضلة.
– وضع خطط للحياة الواقعية: لنكن واقعيين، فنحن سنفرط أحياناً في تناول طبق نحبه، وسنفوت أحياناً أخرى موعد أحد الصفوف في النادي الرياضي. هذه الهفوات لا يمكن تفاديها، لكن المهم في الأمر هو كيفية التعامل معها. وتقول إليزا زيد إن اتخاذ القرار بالعودة بعد هذه الهفوات، وبسرعة إلى المسار الصحيح أمر يبعث فينا القوة. وهذا يعني مثلاً تفادي توبيخ أنفسنا بسبب الطبق الدسم الذي اخترناه في وجبة الغداء، والعمل عوضاً عن ذلك على التدقيق في لائحة الوجبات التي نطلبها عادة، ونحدد عليها 5 من الأفضل على المستوى الصحي، لنختار واحدة منها في المرة المقبلة التي نطلب فيها طعاماً جاهزاً، في الأيام التي لا نتمكن فيها من إعداده بأنفسنا في المنزل. من جهة ثانية، علينا أن نعد خطة بديلة لتلك الأيام التي نتغيب فيها عن النادي الرياضي، فنقوم بنشاط بدني آخر، حتى ولو كان مجرد المشي السريع في الحديقة العامة المجاورة لمنزلنا، أو القيام ببعض التمارين في غرفة الجلوس.
– الثقة بالنفس: عندما نلاحظ ان عزيمتنا بدأت تضعف، وأن مخزون قوة إرادتنا أخذ ينضب، علينا الإسراع إلى منح أنفسنا دفعة من الثقة بالنفس، وذلك بالتركيز على الأفكار الإيجابية، وعلى قدرتنا وقوتنا. وكانت إحدى الدراسات الأميركية، التي أجريت في مستشفى ميريام في بروفيدنس، قد أظهرت أن إمكانية المواظبة على ممارسة الرياضة لمدة سنة كانت كبيرة جداً لدى الأشخاص الذين يؤمنون بقوة بقدرتهم على النجاح. لذلك علينا أن نتخلى عن الأفكار والمواقف السلبية التي قد نتخذها، وعن عبارات مثل: «لا نستطيع»، أو «هذا يفوق قدرتنا»، ونستعيض عنها بمواقف إيجابية وبعبارات مثل «نعم نستطيع» وننطلق مهرولين على طريق الوصول إلى الوزن الصحي، واللياقة البدنية.